الرئيسية - كــتب - »نجي ليلتي« لميمون حرش..سخرية بحجم الألم
»نجي ليلتي« لميمون حرش..سخرية بحجم الألم
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

من أبعد نقطة في الوطن العربي وتحديدا من مدينة الناظور بالمغرب والمطلة على اسبانيا يتواصل إبداع القاص المغربي ميمون حرش ومؤخرا صدر له مجموعة قصصية جديدة اشكر له تجشمه العناء من أجل إيصال نسخة إلي كإهداء.. حملت المجموعة عنوان “نجي ليلتي” وهي عبارة عن قصص قصيرة جدا صدرت ضمن منشورات المهرجان العربي الثاني للقصة القصيرة جدا.. مطبعة Rabat NetMaroc.. 2013…محتوية على (92) قصة قصيرة جدا في (96) صفحة من القطع المتوسط تنحو وبشدة نحو السخرية من كل ما يدور في عوالمنا سواء الواقعية والافتراضية !

ضحك وأسف لا يسعك سوى الضحك المصبوغ بالأسف حين تقرأ قصة “الميت” ولكن هذا الضحك لا ينبع من طرافة القصة بل من دلالاتها التي احالت المقبرة سكنا للأحياء والحياة سكنا للموتى في تناقض صارخ خلق نصا بديعا تنتهي رموزه الى بوابة من شأنها ان تكسب القارئ الكثير من المعارف بكثير من السخرية والألم! (يتبع جنازة.. كان في مقدمة المشيعين.. يردد معهم ..لا إله إلا الله.. محمد رسول الله..في المقبرة.. خلق آخر..يلف المكان الهدوء والسكون..الميت مسجى .. محمول على الاكتاف..يستعد أهله لإلحاده..يسبقهم ويحشر نفسه في القبر! صـ 42)

ليل النجي: الوحدة قرينة الحزن لكن الوحدة والشعور المقيت بها في نتاج ميمون حرش مختلف تماما ففي قصة( نجي ليلتي) وان كان ثمة اتكأ على شعر ا امرئ القيس لكن ذلك الاتكاء زادها إبداعا.. (ليلي طويل..يا لله كيف ينجلي..على شجي..!!رواية “الأشجار واغتيال مرزوق” كانت عزائي الوحيد.. قرأتها اقتحمتها.. هدأت من روعي حين منحتني بعض الأسرار.. في الصباح نبتت في قلبي كل الأشجار التي رهنها البطل من أجل القمار..صـ43).

عرس سبأي الحياة سعيدة لأن السعادة تبنع أحيانا من لاشيء ولعل هذه هي الرسالة التي اراد القاص ميمون حرش ايصالها من قصة عرس عربي …”النساء في مواجهة الرجال ..شكلوا فرقة …أي في التآلف والانسجام, وفي تناغم يرقصون ويتمايلون ويترنحون.. كانوا سكارى تماما…يومهم طويل ولرقصهم شجون ..سألوا عن المناسبة السعيدة فكان الجواب صادما لمن لم يسأل..كلهم غريب ولا أحد منهم قريب..اأامر بدأته بزغرودة طائشة جلبت رجلا ضاربا للدف قدم من مكان ما يسعى.. فكثر الراقصون والراقصات جاءوا من كل فج عميق ..ومتى خبت نيران عرسهم تفرفت أيادي سبأ كلا في طريق..”

لو يعود..!: يتميز القاص حرش بتوظيف بعض المفردات المناقضة للبهجة كالتمني لو يعود …يحولها إلى سخرية ضمن نسيج قصصي يدعو أحيانا إلى التوقف المطول وأحيانا إلى التأمل اللا متناهي ..(يد طرقت على حافة ظهره انتفض”كعصفور بلله القطر”حدق في الطارق كانت هي خائنة ملح قلبه وطعامه.. طأطأ رأسهومضى مسرعا.. تسمرت في مكانهاظلت ترمقه وفي النفس أمنية:لو يعود لأخبره بما فعل بي “ال…” كان يتوارى..لم يلتفت كما يحدث في الأفلام..وظلت تتبع أثره بقية الأيام..ص42)

فوق وتحت: اما في قصته فوق وتحت والتي يبدو من عنونها السخرية الفجة يبرز حرش اشتغال العربي على الهامش في الحياة وتجاهله للمهم والأهم بلغة كثيرا ما يفاجئك سحرها (من علكصخرة امرئ القيسحطت على قدميه حصاة ملفوف فيها ورقة… تخطاها دون أن يكترث وبدل أن ينظر فوق أو يقرأ الورقة تفل على يمينه وهو يتمتم :”سنظل مثل حفار القبورهمنا تحت وليس فوق.”). لاشيء ينبع من لا شيء في عوالم حرش ..كل حركة ..كل هنة..كل فعل ..مجرد رسائل للعالم لكن ليس كل من هو قادر على إيصال الرسائل بأسلوب ميمون حرش .